إنتاج طبعات للقرآن الكريم مستوحاة من مخطوطة تعود إلى العصر العباسي تزن الواحدة 15 كيلوغراما وتصل تكلفتها إلى 100 ألف دولار
عندما تأسس المجمع العلمي العربي الإسلامي في بيروت في منتصف السبعينات، كانت باكورة أعماله هي إعداد طبعات كبيرة وفخمة من القرآن الكريم.
واعتمد المجمع على مخطوطة للقرآن الكريم تعود إلى لعصر العباسي كنموذج لطبعات القرآن. وكانت النتيجة 500 نسخة فخمة، كتبت حروفها بماء الذهب على صفحات ازدانت بزخرفات ملونة.
يقول محمد الداية رئيس المجمع لـ «وكالة الأنباء الفرنسية» إن معدل تكلفة النسخة الواحدة يصل إلى مائة ألف دولار، ويصل وزن الواحدة منها إلى حوالي 15 كيلوغراما.
ويؤكد الداية أن المجمع ما زال يحتفظ بنسخ للراغبين في اقتنائها، ولكنه يعود فيؤكد أن «القرآن يُوهَب، ولا يباع، وفق الشريعة الإسلامية»، لذا فهو لا يحدد ثمنا، إنما يوضح الكلفة.
و يحتفظ الداية في منزله بنماذج متعددة الأحجام من المصحف الشريف، توزعت في صناديق على شكل تحف فنية من الخشب والكريستال، أو في صناديق غلفت بجلد الثعبان، أو جلد الحية، وهي مزينة بالنحاس المطلي بالذهب.
ويروي أن ملك المغرب محمد السادس أخذ لمناسبة طهور نجله «نسخة بلغت قيمتها 240 ألف دولار مع صندوقها».
أما عن بداية المشروع، فيقول الداية إنه جال على متاحف العالم بحثا عن مخطوطة نادرة؛ ووجد ضالته في لندن. يقول «وجدت أفضلها محفوظة في متحف لندن.
وهي نسخة يعود تاريخها إلى سبعمائة سنة ونيف، أي إلى أواخر العصر العباسي، وهي مخطوطة بخط الثلث النسخي، نفذها الخطاط التركي الشهير في ذلك العصر أحمد القرة حصارى».
تقع المخطوطة في 707 صفحات بقطع 30-40 سنتيمترا، وفيها فقط ست صفحات مزخرفة، اثنتان في أولها، واثنتان في وسطها، واثنتان في نهايتها.
ويمضي الداية في حديثه إلى «وكالة الأنباء الفرنسية» قائلا «حصلنا على إذن بتصوير المخطوطة من إدارة المتحف، واستمرت عملية تصويرها على «سلايدات» مدة ثلاث سنوات، ثم قامت مجموعة من أمهر الخطاطين اللبنانيين والعرب بترميمها. أرسلت النسخ إلى السعودية والأزهر (مصر) لتوافقا على صحتها»، باعتبارهما أعلى المرجعيات الإسلامية.
وبالنسبة للشكل النهائي للنسخ، فيقول الداية «قررنا أن تشمل الزخرفة بالنمط نفسه والألوان نفسها، كل الصفحات».
واستقدم المجمع ورقا خاصا من نوع «زندر» الألماني «بطبخة خصوصية لهذه الطبعة، لا تستخدم لسواها على الإطلاق، وتتميز بالمناعة الأكيدة ضد التآكل، وضد كل أسباب التلف المعروفة»، كما تم استقدام 15 لونا من الحبر من ألمانيا، بحسب ما يقول الداية.
وجرى تجليد النسخ إما بجلد الثعبان، أو جلد الحية، أو جلد النعامة، أو جلد الغزال، وتمت زخرفة الغلاف بخطوط كتبت بماء الذهب من عيار 24 قيراطا. ويؤكد الداية أن عملية تحضير الورق والألوان والذهب «استغرقت ست سنوات»، وأن طباعة النسخ الخمسمائة «تطلبت أربع سنوات»، وتجليدها «سنتين».
ومن نسخ القرآن الكريم التي تم تقديمها في شهر مارس (آذار) نسخة أهداها الداية إلى البطريرك الماروني نصر الله صفير ليضعها في متحف بكركي (شمال شرق بيروت) مقر بطريركية الموارنة، أكبر طوائف لبنان المسيحية.
وطَبْع هذه النسخ «الفريدة» من المصحف الشريف هو المشروع الوحيد الذي نفذه المجمع. أما مطبعته المزودة بمعدات متطورة، فتستمر بطباعة «لوحات فنية لصفحة واحدة من صفحات القرآن»، أو تطبع «سندات مالية، أو شهادات استثمار لدول غربية».
ويوضح الداية أن بيع هذه المنتجات كان وراء «تمويل» مشروع نسخ القرآن الكريم.
وأقام المجمع أول معرض له في قطر عام 1988، تلاه معرض في إمارة أبوظبي في العام نفسه، وفي العام التالي أقيم معرض في معهد العالم العربي في باريس.
ويقول الداية إن عدد النسخ المعروضة كان قليلا في كل مرة. ففي معرض أبوظبي اقتصر العدد مثلا على «سبع نسخ». ويشير إلى أن العمل جار على تحضير معرض جديد في قطر، وآخر في البحرين.
0 تعليقات
تذكّر قول الله عز وجل
(( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ))