يتخوف كثيرون بمجرد سماعهم أن وصفتهم الطبية تحتوى على دواء الكورتيزول (كورتيزون) بأي من أشكاله.
ويبدأ الجدال مع الطبيب حول مشكلات هذا الدواء وأعراضه الجانبية، فمن المعتقدات الخاطئة لدى الناس أن هذا العقار يدمر أنسجة الجسم، والحقيقة أن الكورتيزول ليس بريئا تماما من تسببه في بعض الأعراض الجانبية والمشكلات الصحية، لكن ليس كما في اعتقاد الناس، إذ إن اختلاف طرق استخدامه وتعدد أشكاله واختلاف نسب جرعاته، يجعل ظهور أعراضه الجانبية تتفاوت من
شخص إلى آخر.
ما هرمون الكورتيزول؟
اكتشف الكورتيزون، الكيميائي الأميركي إدوارد كندال خلال أبحاثة في «مايو كلينيك»، وقد تم منحه جائزة نوبل في الطب عام 1950 مقاسمة مع فيليب هنش وتيدوس رايخشتاين لاكتشافهم القشرة الخارجية للغدة الكظرية وبنيتها الأساسية ووظائفها.
والكورتيزون هو أحد هرمونات الكورتيكوستيرويد، وهي هرمونات القشرة الكظرية، أحد أجزاء الغدة الكظرية أو الجار كلوية، وهي غدة صغيرة لا يتعدى وزنها 4 غرامات تقع فوق الكلية ومن هنا سميت بالجار كلوية، وتفرز الغدة الكظرية كثيرا من الهرمونات منها الأدرينالين والنورأدرينالين الموصلات للجهاز العصبي، وهرمون الألدوستيرون الذي يعمل على تنظيم الماء والأملاح في الجسم والمساعد الرئيسي لتنظيم ضغط الدم، كما تفرز الهرمونات الجنسية الذكرية والأنثوية، وتعمل الغدتان الكظريتان تحت إشراف وتحكم مباشر من غدة في جسم الإنسان وهي الغدة النخامية، حيث ترسل الهرمون المحفز لها عند النقص في أحد الهرمونات أو العكس عند زيادة إفرازها لأحد الهرمونات، والكورتيزون من أهم الهرمونات اللازمة للقيام بالعمليات الحيوية في الجسم.
ما عقار الكورتيزون؟
الكورتيزون هو أحد أشكال عقاقير الستيرويد، ويعمل كمضاد قوي للالتهابات، حيث يعمل على منع الجسم من إفراز المواد المسببة للالتهاب وذلك لتأثيره القوي والمركب على جهاز المناعة.
ويستخدم الكورتيزون في علاج كثير من الحالات الطبية كحالات الحساسية والأمراض الجلدية كالصدفية، التهابات القولون المزمنة والأمراض الروماتيزمية كالروماتيود المفصلي والذئبة الحمراء وأمراض الصدر.
وبالإضافة إلى تأثير الكورتيزون على الجهاز المناعي وعوامل الالتهاب، فإن له آثارا أخرى على جسم الإنسان كتأثيره على وظائف الجهاز الدوري، والحالة النفسية، والسكر والدهون، وضغط الدم وغيرها.
ويتوافر عقار الكورتيزون في صور مختلفة، حيث يمكن استخدامه على شكل أقراص، أو حقن، كذلك يمكن استخدامه موضعيا سواء في صورة حقن في المفاصل وفي شكل مراهم جلدية، كما يوجد على هيئة بخاخات للمصابين بالأمراض الصدرية، ويتم تحديد الوسيلة المثلى للعلاج تبعا لطبيعة المرض، وشدته، أما أقراص عقار الكورتيزون فتتوفر بأحجام مختلفة تبعا للجرعة الموجودة في كل قرص، وتعتبر مادتا البريدنيزون والبريدنيزلون هما الأكثر استخداما.
أما في حالات الالتهاب الشديد الناتج عن الأمراض المزمنة فيفضل استخدام جرعات عالية من الميثيل بريدنيزلون ويعطى عن طريق الوريد يوميا لعدة أيام أو قد يستخدم الطبيب المعالج المادة ذاتها في جرعات صغيرة تحقن في الوريد إذا كانت هناك مشكلة في امتصاص عقار الكورتيزون لدى تناوله عن طريق الفم.
ما التأثيرات الجانبية لعقار الكورتيزون؟
على الرغم من التأثير القوى الإيجابي لعقار الكورتيزون المضاد للالتهاب، فإن عقار الكورتيزون يسبب كثيرا من الآثار الجانبية التي تزداد نسبة حدوثها كلما زادت فترة وكمية العلاج به، ومن المهم جدا محافظة المريض على المتابعة مع الطبيب المعالج حتى يتمكن من تقليل جرعة الكورتيزون المستخدم إلى أقل جرعة ممكنة قادرة على السيطرة على الالتهاب.
وتختلف قوة أدوية الكورتيزون من نوع إلى آخر، فمنها الضعيف والقوى والأشد قوة، والقوى جدا، ولذلك يتفاوت ظهور الأعراض الجانبية من شخص إلى آخر.
وتظهر الأعراض الجانبية لدى المرضى الذين يستخدمون الكورتيزون عن طريق الفم أو الحقن أو يتناولونه بجرعات عالية مدة طويلة، لأن ذلك يؤدي إلى تعطيل الغدة الكظرية فتتوقف عن إفراز الكورتيزون الطبيعي، وقد تحتاج إلى أسابيع أو أشهر حتى تعود إلى عملها الطبيعي في إفراز الكورتيزون.
ومن أهم الأعراض الجانبية:
ـ ارتفاع ضغط الدم.
ـ ارتفاع نسبة السكر في الدم.
ـ هشاشة العظام، من أهم الآثار الجانبية الخفية التي قد لا تظهر في مراحلها الأولى، حيث يسبب الكورتيزون نقصان نسبة الكالسيوم الموجودة بالعظام، مما يجعلها هشة وقابلة للكسر.
ـ الإصابة بالمياه الزرقاء (ارتفاع ضغط العين) أو المياه البيضاء ( إعتام عدسة العين).
ـ تتأثر مقاومة الجسم للالتهابات الميكروبية مسببة حدوث التهابات مختلفة.
ـ تغير الحالة المزاجية للمريض عند استخدام الكورتيزون لمدة طويلة.
ـ الشعور بالجوع والعطش، مما يسبب زيادة في الوزن، ويظهر ذلك بظهور علامات التمدد بالجلد، ولذلك من المهم جدا نصح المريض بتناول وجبات معتدلة وإنقاص كمية الدهون والسكريات والملح في الطعام والمحافظة على تناول كميات كبيرة من الألياف حتى يحافظ على وزنه.
ـ استدارة الوجه، وتجمع الدهون بين الرقبة والأكتاف.
ـ حب الشباب أو البثور على الوجه، ويمكن علاج ذلك عن طريق المراهم الجلدية.
ـ يؤثر على نمو الطفل.
ـ ترقق الجلد وظهور الشعيرات الدموية.
وتظهر غالبية هذه الأعراض، كما أسلفت، لدى استخدام الكورتيزون لفترات طويلة وبجرعات عالية، ومن النادر أن يؤدي استخدام مراهم الكورتيزون أو البخاخات المستخدمة في علاج أمراض الصدر إلى ظهور هذه الأعراض، فالاستخدام الخارجي للكورتيزون لا يسمح بدخوله إلى الدم بكميات كبيرة تسبب الأعراض الجانبية.
سبل الوقاية من أعراض العقار الجانبية
ـ عدم التوقف عن تناول العقار بشكل مفاجئ، بل يجب أن يتم بصورة تدريجية بإنقاص الجرعة تدريجيا على مدى عدة أيام أو أسابيع تحت إشراف طبي.
ـ إخبار الطبيب بجميع العقاقير الأخرى التي يتناولها المريض وبالأخص مضادات الالتهاب اللاستيروديه والأسبرين حيث يمكن أن يؤدى تناولها مع الكورتيزون إلى حدوث نزيف من المعدة.
ـ لاجتناب هشاشة العظام يجب تناول فيتامينات الكالسيوم وفيتامين «دي».
ـ التقليل من شرب الماء وتناول الملح يساعد على ضبط ضغط الدم وعدم ارتفاعه.
ـ التقليل من تناول السكريات يساعد على عدم ارتفاع سكر الدم.
ـ البعد عن الأماكن المزدحمة أو اجتناب الاحتكاك بمصادر العدوى الجرثومية والمحافظة على تلقى اللقاحات اللازمة للأطفال والتزام النظافة الشخصية للوقاية من التقاط العدوى والالتهابات الجرثومية.
ـ حمل بطاقة أو لبس سوار في اليد يبين أنك ممن يعالجون بالكورتيزون في حال التعرض لأمر ما.
0 تعليقات
تذكّر قول الله عز وجل
(( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ))