تعتبر منطقة الرأس والوجه من أكثر مناطق الجسم تعقيدا، وعلاج ما يطرأ عليها من أمراض يستلزم التعاون والتكامل بين تخصصات جراحية مختلفة، يأتي في مقدمتها تخصص جراحة الفم والوجه والفكين والذي اصبح تخصصا مهما وحيويا في المستشفيات الكبيرة والمرجعية بالمملكة، حيث تحال إليها كافة الحالات المرضية في منطقة الوجه كجراحات ضروس العقل وزراعة الأسنان، عمليات شقوق سقف الحلق والشفة الأرنبية، عمليات كسور الوجه والفكين، الجراحات الفكية التقويمية والتجميلية، عمليات الترقيع العظمي والنسيجي للوجه والفكين، وعمليات إزالة الأورام من منطقة الوجه والفكين.
تحدث الدكتورأحمد عمر شايع اليماني رئيس قسم جراحة الوجه والفكين بكلية طب
الأسنان والمستشفى الجامعي ورئيس اللجنة العلمية لجراحي الفم والوجه والفكين بالرابطة العربية، وأوضح أن هذا الفرع الدقيق من الطب يحظى بنقلة تطويرية كبيرة وأن من أحدث التطورات والنقلات الحديثة عملية استطالة عظام الوجه بواسطة أجهزة مختلفة تمّ تطويرها أخيرا، وأن الأمنيات والتطلعات لا تقف عند حد معين. ومن المنتظر إنشاء وحدة متكاملة للتعامل مع جميع العيوب الخلقية والتشوهات لمنطقة الوجه والفكين Craniomaxillofacial Unit وهذا يتطلب وجود كوادر مساندة غير طبية حيث لا يوجد إلى الآن في منطقة الشرق الأوسط أي مركز متخصص كهذا، ولا يزال العديد من الدول العربية تقوم بإرسال مرضاها للعلاج بالخارج وأغلب العمليات التي تجرى في هذا المجال تجرى باجتهادات فردية في معظم الأحيان.
صداع تشنجي
كثير من المرضى يعانون من صداع، ويحتار الطبيب في تشخيص السبب، وأخيرا يرجع سببه لآلام المفصل الفكي الصدغي.
يفسر ذلك الدكتورأحمد اليماني موضحا أن آلام المفصل الفكي الصدغي تنتج من أسباب مختلفة منها على سبيل المثال لا الحصر تعرض المريض لحادث أو انزلاقات غضاريف الرقبة أو الظهر أو إجراء المريض إعادة شاملة لتأهيل الفم من دون مراعاة الإطباق الصحيح وكذلك الحالة النفسية والعصبية حيث لها تأثير مباشر في كثير من الحالات.
ويعاني هؤلاء المرضى من صداع نتيجة لتشنج عضلات الوجه والفكين ويكون علاج هؤلاء المرضى في معظم الحالات علاجا تحفظيا من دون اللجوء للجراحة إلاّ في حالات معينة نتيجة تآكل اللقمة العظمية لمفصل الفك أو اهتراء الغضروف.
وعن مشكلة عدم تطابق الفكين والأسنان عند بعض المرضى، يعزو الدكتورأحمد اليماني سبب ذلك الى أنه نتيجة لعدم نمو الفكين بشكل طبيعي يحدث اختلاف تطابق الأسنان وعدم تناسق الوجه وله أسباب عديدة أهمها أسباب وراثية. ويمكن إعادة تطابق الأسنان وإعادة تناسق الوجه إلى طبيعته بإجراء عملية جراحية لتقديم أو تأخير أحد الفكين أو كليهما للحصول على النتيجة المرضية، ومعظم هؤلاء المرضى في حاجة إلى تقويم الأسنان قبل إجراء العملية وكذلك إنهاء تقويم الأسنان بعد العملية الجراحية.
الشق والشفة الأرنبية
أوضح الدكتورأحمد اليماني أنه للأسف الشديد لا توجد إحصاءات دقيقة عن مدى انتشار شقوق سقف الحلق والشفة الأرنبية في المملكة العربية السعودية، ولكن الملاحظات والمشاهدات السريرية تشير إلى وجود أرقام عالية من الأطفال في منطقة مكة المكرمة لأسباب عديدة أهمها زواج الأقارب.
وأضاف أن مريض شقوق سقف الحلق أو الشفة الأرنبية يتطلب علاجه مراحل وخطوات متعددة ومتتابعة وتدخلات جراحية مختلفة في فترات زمنية محددة، ويتم تحضير المريض لكل مرحلة بواسطة متخصصين في طب أسنان الأطفال وتقويم الأسنان وغيرهم. لذا تم انشاء نواة لفريق طبي متخصص بكلية طب الأسنان يشرف ويعالج ويتابع هؤلاء المرضى على المدى الطويل للحصول على أفضل النتائج الوظيفية والشكلية لهؤلاء المرضى.
والى جانب تلك الحالات، هناك نسبة عالية من مرضى أورام الفم والوجه والفكين يتمّ علاجهم الآن بالمستشفى الجامعي، وقد تم مناظرة عدد كبير من الأورام. والملاحظ أنّ غالبية هؤلاء المرضى يتم قدومهم للعلاج في مراحل متأخرة ممّا يؤدي إلى إجراء جراحات كبيرة جداً خطرة ومعقدة كان من الممكن تفاديها لو تمّ تشخيص المرض في مرحلة مبكرة. والتعامل مع مثل هذه الحالات المتقدمة والتي لم نكن نراها في أثناء فترة التدريب والدراسة في الولايات المتحدة الأميركية أكسبت الطبيب السعودي الكثير من الخبرة العملية لمعالجة مثل هذا الحالات.
عملية زراعة الوجه
بفضل التقدم الهائل في جراحات الوجه والفكين والجراحات الترميمية في الآونة الأخيرة، أصبح الآن ممكنا عمل الترقيع والترميم العظمي والنسيجي لعظام وأنسجة الفك والوجه بكل مهارة ودقة سواء كان فقدها من جراء حوادث أو إزالة أورام، تتم بواسطتها إعادة تأهيل هؤلاء المرضى.
وأشار د. اليماني الى أن كسور الوجه والفكين الناتجة عن حوادث تصادم السيارات منتشرة جداً في مجتمعنا، وعند السؤال والتقصي يتضح أنّ كثيرا من الكسور المضاعفة التي تشمل أكثر من عظمة في منطقة الوجه هي نتيجة للسرعة الفائقة للسيارات مع عدم ربط السائق أو المصابين لحزام الأمان. وأخيرا، فلا أدل على التقدم العالمي في مجال جراحات الوجه والفكين من عملية زراعة الوجه التي أجريت في فرنسا برئاسة البروفيسور دوفاشيل.
0 تعليقات
تذكّر قول الله عز وجل
(( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ))